متى تقدم إستقالتك؟
الاستقالة شبح يؤرق البعض ويسمرهم مكانهم أو نقطة إنطلاق جديدة وتغيير حان أوانه. من أكثر الأسئلة اللي تصلني هي متى استقيل، ولماذا؟ هل ٣ سنوات كافية أو لا؟ وغيره وغيره من الأسئلة. للأسف البعض يعتمد على أسباب خاطئة والآخر قد يستعجل ويستقيل لسبب واحد فقط قبل التأكد من الموضوع ودراسته بشكل وافي.
لدي نظرية تعتمد على ٣ جوانب أساسية في الحياة العملية وهي الجانب التعليمي والتطويري، والجانب التنظيمي، وأخيرا الجانب المالي. لك أن تستخدم هذه الجوانب لمقارنتها مع بعضها البعض أو مقارنتها مع الوظيفة التي ستنتقل إليها. من الضروري أن أشير لك أن ما تقرأه هنا ليس سوى دليل استرشادي فقط وليس أمرا قاطع فهناك العديد من الظروف التي التي قد تحيط بالاستقالة وتختلف من شخص إلى آخر.
الجانب التعليمي والتطويري
وهو أهم جانب في وجهة نظري والذي اتصور انه يستحق البقاء من أجله حتى في ضل ضعف الجانبين الاخرين وخاصة للشباب حديثي التخرج ومحدودي الخبرة. عليك أن تقوم بتقييم نفسك، ماذا تعلمت خلال عملك؟ هل ما زال هناك الكثير الذي تستطيع تعلمه؟ ماذا عن الدورات التدريبية والبرامج التطويرية؟ هل توجد مثل هذه الخيارات في عملك الحالي او لا؟ هل بقاؤك في عملك يمنحك الفرصة للتعلم؟ إن كانت إجابتك بنعم فنصحيتي لك البقاء والتعلم قدر استطاعتك فلا شئ يتفوق على الخبرة العملية! أما إذا قلت فرص تعلمك وتطورك أو انعدمت، فعليك تقييم الوضع في الجانبين التنظيمي والمالي قبل الأقدام على الاستقالة فكر في الإنتقال لإدارة أخرى أيضاً إذا أمكن ذلك.
الجانب التنظيمي
هل تعلم أن أحد أكثر أسباب الاستقالة شيوعا هو غياب الرؤية والتنظيم في العمل؟ هل تعاني من نفس هذا الأمر في عملك؟هل يوجد مشاكل بينك وبين زملائك او مديرك المباشر؟ نصيحتي لك هو أن تقيم الوضع الحالي في عملك فقد تكون الأمور مشوشة بسبب أمور مؤقتة وستزول بإذن الله فلما الاستعجال؟ معظم الشركات تمر بمراحل نمو ومتغيرات كبيرة واحيانا يحدث فيها إعادة هيكلة وتغييرات ضخمة. حاول معرفة أسباب هذا التغيير فأحيانا قد تكون إيجابية مثل نمو المبيعات أو توسع النشاط مما قد يعني فرص ترقية لك. إن كانت المشاكل إدارية بينك وبين زملائك او مديرك حاول معالجة الأمر معهم ومع مديرك قدر المستطاع. وإن كانت الأمور غير منظمة الآن فهل أدركت الإدارة الأمر ووضعت او ستضع خطط لتصحيح الأمور؟ إن كانت إجابتك بنعم فقد يتطلب الأمر مراجعة قرارك خاصة إن كانت الجوانب الأخرى مناسبة في عملك. يشمل هذا الجانب العديد من الأمور مثل السياسات والإجراءات والتخطيط الهيكلي للإدارات والمسارات الإدارية وحتى نظام تقييم الأداء والمنافع المادية.
الجانب المالي
هل هناك فرق كبير بين ما تتقاضاه أنت ويتقاضاه زميلك لأداء نفس المهام؟ كم هو الفارق بين مرتبك في شركتك وبين ما يتقاضاه شخص آخر في شركة أخرى مشابهة لحجم شركتك يقوم بنفس المهام؟. أن كان فرق الراتب لصالحك وما تتقاضاه انت أكثر او مقارب للآخرين والجانبيين الآخرين في حياتك العملية مناسبة إذا إنسي موضوع الإستقالة. أما إذا كان الفرق في الراتب كبير ضدك ولا توفر وظيفتك الحالية فرص للتعلم والتطور كما لا ترى مجالا للترقية أو التغيير في القريب العاجل فانا هنا أنصحك بالتفكير جديا بالإنتقال.
في الختام
مرة أخرى، أؤكد على الجانب التعليمي والتطويري في حياتك العملية، لا تفرط في هذه النقطة ولا تتبع الجانب المادي على حساب التعلم والتطور، فرص التعلم لا تتكرر كثيرا ولكن الفرص المادية دائماً في ازدياد وكلما زادت خبراتك ومهاراتك ازدادت قيمتك السوقية. ستلاحظ أنني لم أتطرق لموضوع عدد السنوات المناسب للإستقالة لأني بصراحة أجدها مضلله بعض الشيء، لا أفضل ربط الاستقالة بعدد السنوات طالما تتحقق لك الجوانب الثلاثة أعلاه. فقد تبقى في وظيفة لأكثر من 7 سنوات لكن هناك تعلم وترقيات وزيادة في الراتب. هناك بعض القواعد الذهبية العامة بما يخص عدد السنوات فبعض الشركات لا تفضل الموظف الذي لا يستمر في وظيفته أكثر من سنة لأنهم يتصورون أنه رهان غير آمن ويمكن أن يعيد الكره معهم. وهناك أيضاً الجانب التعليمي لديك، فبقاءك في وظيفة لأقل من سنة من الصعب أن يضيف لخبراتك ومهاراتك الشيء الكثير. فأنت كموظف جديد تحتاج في الغالب ما بين ٦ و ١٠ شهور حتى تتمكن من استيعاب جو العمل الجديد حتى تتمكن بعدها من الإنتاج والإبداع في عملك.
آخر ما أقول هو أهم ما أقول، لا تنسى الاستخارة، فما خاب من إستخار الرحمن حتى ولو كنت متأكد من قرارك.
24 Comments
Join the discussion and tell us your opinion.
اشكرك اخي الكريم على المعلومات القيمه…
وفقك و وفقنا الله لما فيه الخير اجمعين.
العفو أخي ماجد، شاكر لك كرم أخلاقك.
شكرا جزيلا لك يااستاذنأ الفاضل
بالفعل معلومات رائعة وقيمة
العفو أخي يونس, مرحبا بك.
المقار رائع جداً و أحب أن أضيف وجود فائدة كبيرة جداً عند انتقال الموظف من شركة إلى شركة وقتها سيكتسب الكثير من المهارات الجديدة و أيضاً رصيد معرفي لا بأس به .
أتفق معك أخي العزيز، تغيير العمل معاه العديد من الأمور الإيجابية مثل الخبرات الجديدة.
في البداية أشكرك عزيزي عبدالعزيز على المدونة المميزة.
اعتقد أن الثلاث اسباب هي اسباب محورية ورئيسية في أتخاذالاستقالة من عدمها ولكن أعتقد أن هناك أمر أخر من وجهت نظري في ضل وجود تدريب وتطوير وزيادة جيدة وبيئة عمل مناسبة وهي التحدي وخوض مغامرة جديدة بعد سنوات طويلة من الخبرة بسبب تغير قطاع العمل مثل الخروج من القطاع البنكي الى قطاع مختلف تماما لزيادة الخبرة في معرفة بيئة السوق بشكل عام من أجل الخبرة الاستشارية .
شكرا لك أخي فارس،
أتصور أن جانب التعليمي في هذه التدوينة يغطي هذا الجانب، أي أنك نتنتقل من جهة إلى أخرى أو قطاع إلى آخر من أجل زيادة خبراتك وتعلمك. اليس هذا ما تقصد؟
اشكرك اخ عبدالعزيز على هذا التحليل الوافى على جميع هذه الجوانب والتى يقوم بالتفكير فيها اى شخص قبل اتخاذ اى قرار ولكن بقى شئ اريد ان اذكرة لكم ,لو توفرت كل هذه العوامل التى تفضلت وذكرتها من قبل ولكن العامل النفسى لم يتوفر فهل له علاقة قوية والرغبة فى الاستقالة ام يتغير من شخص الى اخر وتكون العملية نسبيه.
وفى النهاية اشكرك على هذه المعلومات القيمة والتى تعيد للشخص تفكيرة قبل اتخاذ اى قرار.
مرحبا أخي طارق،
الجب الثلاثة التي أشرت إليها هنا تغطي الظروف الإعتيادية العامة التي يواجهها معظم وظفين. بلا شك هناك أسباب مختلفة ومتغيرة من شخص إلى آخر. أيضا أتصور أن الموظف الذي تكون الجوانب الثلاثة المذكورة هنا متوازنة لديه فالمفترض أن يعيش حالة نفسية هادئة ومريحة أليس كذلك؟
مقال لابد ان يعلمه الفرد قبل دخول عالم المهنه ..
يعطيك الف عافيه
ونتطلع للمزيد
مرحباعزيزي برشلوني وشكرا لك.
إبداع ومجهود رائع في الحقيقة شكرا لأني اتخذت قراري 🙂
العفو عزيزي،
لا تنسى تشاور من تثق بهم وإستخر!
أشكرك اخي عبدالعزيز على المعلومات الجميلة في مدونتك الرائعة ، حاب اضيف نقطة بسيطة وجدتها حسب خبرتي :
-الشخص كثير التنقل بين الشركات عادة تزيد خبرته وقدراته العملية بمراحل مع ارتفاع المرتب وانعدام الاستقرار على غرار شخص يقوم بنفس العمل بنفس الشركة لمدة طويلة
مرحبا عزيزي محمد،
هناك متغيرات كثيرة، لدي نظرية ثانية حول موضوع الإنتقالات وإكتساب الخبرات والتعلم إسميها منحنى التعلم، ملخصها هو أن كل شخص يحتاج إلى فترة معينة تختلف بإختلاف المعطيات (مثل مستوى الخبرة، الشركة ونشاطه، الظروف المحيطة) في بداية إنتقاله للعمل الجديد تقسم على ثلثل فترات. الفترة الأولى إستعاب التغيير الجديد والثقافة الجديدة للمنشأة, الفترة الثانية مرحلة الإنتاج والتعلم، الفترة الثالثة مرحلة النضوج وإستقرار التعلم وثباته ولكن زيادة الإنتاج. إذا إستقال الموظف قبل أو خلال المراحل الأولى من الفترة الثاني فستكون خبراته التي يكتسبها أقل من الشخص الذي ينتقب في مرحلة النضوج.
شكرا لك.
اشكرك اخي العزيز على الطرح ولكن وقفت حائرا امام كلمة الخبرات فهل تعني تطوير مهارات العمل ام مهارات الاتصال بالاخرين ،، اعتقد من وجهة نظري ان كلاهما مطلوب في اتجاهات مختلفة من نواحي التطوير الوظيفي ،،
مرحبا عزيزي،
بالظبط الخبرات هنا المقصود بها الخبرات العملية أما المهارات فهي أي مهارة تساعدك في التحسن في أداء مهامك وليس فقط مهارات الإتصال.
تحياتي،
الحقيقة إني إستفدت منك كثير أخوي عبد العزيز بارك الله لك في علمك ومالك وولدك وعندي إستفسار إذا كان الراتب مجزي ولكن الجانب التطويري والتعليمي شبه ثابت ولا يوجد تطوير ومسار تدريبي واضح إش رأيك
مرحبا عزيزي،
الإجابة على مثل هذا السؤال تتطلب معلومات إضافية وتختلف حسب الظروف. ان كنت في بداية حياتك المهنية ضررها أكبر عليك على المدى المتوسط. الراتب قد يكون مجزي الان ولكن ماذا سيحدث عندما تتزوج مثلا ويرزقك الله بأبناء ثم ترغب بالحصول عدى منزل مثلا؟
غياب التعلم والتطور في الوظيفة يعني في معظم الأحيان غياب التحدي والاستمتاع بالعمل، من ما يعني ان عملك سيصبح مع الوقت روتيني ممل وقد يتسبب بتوابع نفسية مثلا تجعلك ضجر ومنزعج في العمل.
شكراً أخي الكريم على هذه التدوينة المختصرة والجميلة والمهمة.
بصراحة أتفق معك في هذه المحاور ، وقد مرت علي فترة قريبة كنت أدرس فيها قرار انتقالي لشركة أخرى ..
وبالفعل بعد مراجعة وافية للمحاور الثلاثة التي ذكرتها أجّلت قرار الإنتقال.
هناك جانب ثانوي يستطيع الموظف من خلاله استبيان التوجه المستقبلي في شركته .. عندما تكون هناك منهجية متكررة للإدارة على مدى سنوات وبنفس الآلية، يستطيع الموظف التنبؤ بفرصه القادمة في كل الجوانب الثلاثة العملية والتنظيمية والمالية.
شكراً لك مرة أخرى.
العفو أخي العزيز بكر وسعيد جدا ان التدوينة أعجبتك وساعدتك ولو حتى بشكل بسيط.
مقال اكثر من رائع ،، فعلا كلامك صحيح وانا أوافقك الرأي
دمت بود اخي عبدالعزيز
شكرا لمرورك وذوقك اخي الكريم